الدولة العثمانية الجزء الثاني
الدولة
العثمانية
لسه مع العثمانيين والأناضول
وقصتها.. والتاريخ العجيب.. اللي اتحشر فيه من الزيف اكثر من الحقيقة.
لو رجعت مثلا 52 قرن للماضي.. حتلاقي الملوك المصريين لهم أب
وأم وأبناء.. وممكن تتبع أسرة حد زي "نارمر" وتعرف جده مين بوضوح.
الجزيرة العربية مكانتش على ذات القدر من التطور من 20 قرن قبل
الميلاد.. وكانت حياتها بدوية بسيطة.. لكن برضه لو رجعت تلاقي كل ملك من الملوك
وكل حاكم من الحكام فيها له أصل وفصل ونسب مدون ومسجل.. فحتلاقي ملك كندة أو معين
- في السعودية الحالية - اسمه كذا ووالده هو فلان واتحالف مع الملك اليمني
"يوسف ذو نواس" بن "إسار" بن "يثار".. وهكذا...
ولو قفزت للعصر اللي بنتكلم عنه.. في عهد المماليك.. حتلاقي أنه
"سيف الدين قطز" هو "محمود بن ممدود بن خوارزم شاه" والمقاتل
السوري "الظاهر بيبرس" هو "ركن الدين بيبرس العلائي البندقداري".
يعني الناس معروف أصلها مين ومين أهلها.. رغم إن "بيبرس" مثلا كان اصله
عبد مملوك.
الموضوع دا مش حتلاقيه إطلاقًا مع العثمانيين.. ودا سبب مشكلة
كبرى للمؤرخين الأتراك المعاصرين.. قرروا يحلوها بأنهم يبتدوا التاريخ دا من عند
رجل يدعى "أرطغرل".
طيب ماشي.. مين بقى "أرطغرل" دا اللي طالعين به
السماء؟ قالوا لنا: "دا ابن البطل المحارب سليمان شاه".
طيب الأخ "سليمان شاه" شجيع السيما اللي طالعين به
السما، مات موتة مش لطيفة.. لما هجم المغول على قبيلته.. فدفع بزوجاته إلى صحن
الدار.. وتركهم صيدة يلتهي فيها المغول.. واندفع إلى غرفة نومه وأغلق الباب.. وقفز
من النافذة عاريًا تمامًا متجاهلًا استغاثات زوجاته به.. وجري على حصانه كما ولدته
أمه عشان يهرب.. فطاردته خيول المغول.. فرمى نفسه من الرعب في نهر الفرات وهو لم
يكن يعرف السباحة.. ومات غرقًا.
هو دا بقى البطل جد العثمانيين.. ووالد "أرطغرل"
الرهيب؟
قالك: "آه آه صح.. مينفعش.. هو الحقيقة كان ابن
"جندوز ألب".
طيب يا جماعة الخير.. أنتوا بتقولوا لنا أن الفاتح المقاتل
العظيم "أرطغرل" غزا "قرية سوجوت" وفتحها سنة 1231 ميلادية...
وبغض النظر عن أنكم حولتوا خناقة بين قريتين إلى فتح وغزو وحرب عالمية وسمتوه
(أرطغرل غازي) بعدها.. فـ"جندوز ألب" كان وقتها عنده ست سنين و(ارطغرل)
عنده 36 سنة! يعني هو خلّف "أرطغرل ازاي وأمتى؟
فطلعوا قالوا "آه والله تصدق صح؟ لأ ما هو سليمان شاه.. هو
نفسه جندوز ألب".
طيب يا جماعة لو فرضنا صحة الهبل ده.. يبقى "أرطغرل"
بقى أصله فارسي.. لأن "سليمان شاه" كان أصلًا فارسي من خراسان
الإيرانية.. وأنتوا بتنفوا انتساب العثمانيين للفرس في استماتة.
وبعدين راح داخل على الخط مؤرخ تركي كبير.. اسمه "خليل
إينالجك
Halil Inalcık".. أستاذ التاريخ العثماني بجامعة بيلكنت في أنقرة.. وقال لهم
"إزاي يا جماعة سليمان شاه هو جندوز ألب.. وهو أبو أرطغرل.. و(جندوز ألب)
أصلًا.. ثبت أنه ابن أرطغرل من (حليمة خاتون)..؟"
هنا بقى قالوا لنا:
- آه.. هو بص.. "جندوز" ابن "أرطغرل" فعلًا
مش أبوه.. وهو مش ابن "سليمان شاه" الفارسي ولا حاجة.. الحقيقة أن أصل
ونسب "أرطغرل" دا "يكتنفه الغموض"...!!
ليه بقى العك دا حصل؟ لأن الأخ "عتمان Atman" اللي العرب سموه "عثمان".. "عثمان
الأول" ابن "ارطغرل" ومؤسس الدولة العثمانية.. لقى نفسه في مشكلة
حقيقية.. أنه ملك وقائد عسكري.. ومع ذلك مجهول النسب.. مش بس كده.. دا جدته.. أم
(أرطغرل).. كان اسمها الحقيقي مجهول برضه.. واسمها الدارج "هايماه Hayme".. ودي بلغتهم تعني "خيمة".. أو بعبارة
مهذبة قدر الإماكن "التي يستريح عندها الرجال" وسمعتها مش مشرفة أوي.
ساعتها جمع "عثمان" الكتبة والمؤرخين حوله.. وأجزل
لهم العطاء عشان يدونوا له تاريخ لأسرته يحبه ويرضاه.. وبدأ أول شيء بتغيير لقب
جدته من "خيمة" إلي "هيمانة".
وبعدين شوية.. لقوا العرب بيسخروا من الاسم.. لأنها تفرق في لغة
العثمانيين.. بس في العربية معناها برضه مش عاطفي.. "هيمانة" إزاي يعني؟
فراح مغيره تاني إلى "أفيانا".. وبعدين لقى أن
"أفيانا" اسم حديث شوية مكانش موجود على أيام ستُه.. يعني كأنك تيجي
النهاردة تقول "جدة الظاهر بيبرس كان اسمها ماهيتاب يا جماعة".
فراح مغيره تاني إلى "آفا".
وبعدين اكتشف أن "آفا" اسم فارسي.. فراح محور اسم
"هايماه - خيمة".. وقال إن اسمها كان "هيمنة Haymana".. بمعنى "سيطرة".. عشان كانت ملكة
ومسيطرة ومهيمنة وحاجة مفتخرة يعني.
طيب يا جدعان إيه العبث دا؟ يعني الولية دي كان اسمها ايه؟
تركوا الرد للمؤرخ التركي "نجدت ساكا أوغلو Necdet Sakaoğlu" اللي رد في وقار:
"إن شخصية السيدة (هيمنة هانم) لا نعرف عنها إلا أقل القليل..
حتى صفاتها ووصف ملامحها لم ترد إلينا.. ولم يتم بحث تاريخها جيدا من قبل المؤرخين"...!
وعشان هي مايعرفوش عنها أي شيء ولا يعرفوا شكلها.. عملوا لها
تماثيل في تركيا وهي شايلة حفيدها مؤسس الدولة العثمانية "عثمان
الأول".. زي التمثال اللي في الصورة ده.
السيدة "هايماه" كان لها 3 أولاد تانيين غير
"أرطغرل".. منهم واحد اسمه "دوندار بك".. عم "عثمان
الأول".. ودا "عثمان الأول" اغتاله برمية سهم قاتلة.. وكان بارع
فعلًا في استخدام القوس والسهم.. عشان كانوا بيتخانقوا على الحكم.
وكان لها ولدين آخرين.. واحد اسمه "غوندوغدو بك" ودا
برضه مش عارفين أبوه مين ولا في مصادر دقيقة عن تاريخ ميلاده أصلًا ولا حد عارف هو
راح فين وكان إيه مصيره.. والآخر عم "عثمان الأول" كذلك.. وكان اسمه
"سارو باطو صاووجي بك" ودا كان أخو "عثمان الأول".
خلينا نقرا العبارة السابقة مرة تانية لو مكنتش أخدت بالك من
محتواها.
"سارو باطو صاووجي بك" عم "عثمان الأول".. كان في
نفس الوقت.. أخو "عثمان الأول"!
المهم أيًا كان علاقاتهم الأسرية اللطيفة.. فالأخ
"سارو" دا "عثمان" قتله هو كمان في "معركة
دومانيتش" بضربة سهم.. أثناء تأسيس الدولة العثمانية.. قتل "عثمان"
لـ"سارو" في قلب المعركة شهده ناس كتير أوي.. مش عدا في الزحمة زي ما
كان "عثمان" بيحلم.. فسموها "معركة التوأم".
وبعدين "عثمان" حب يمحو المأساة دي من الأذهان فخلا
مؤرخيه كتبوا أنها اتسمت "معركة التوأم".. عشان دارت في قرية تركية
اسمها "إيكيزجا İkizce" والكلمة دي بالتركية بتعني "التوأم".. الحقيقة
"إيكيزجا İkizce" اسم علم.. ومالوش معنى.. ومش معناه "توأم" في التركية.
طيب في وسط كل دا.. البداية ابتدت إزاي والصح كان فين؟ مين
"أرطغرل" دا بقى ووصل إزاي وسطع نجمه إزاي؟
والأسئلة دي إجاباتها سردها يطول...
فيبقى لقصتنا عن "الخلافة العثمانية" بقية.